أيها الحبيب اللبيب: هل ستتوب؟ هل ستتوب الآن؟ هل ستتوبين الآن بعد كل هذه الكلمات الرقراقة من كلام ربي وكلام نبينا صلى الله عليه وسلم هل ستتوب؟ هل ستحقق التوحيد؟ هل ستحافظ على الصلاة؟ هل ستحافظ على أكل الحلال؟ هل ستحقق من الآن بر والديك؟ هل ستحسن من اليوم إلى جيرانك في البيت وإلى جيرانك في الوظيقة والعمل؟ هل ستتخلى من اليوم عن أكل الربا؟ هل سترد حقوق اليتامى اليوم إليهم؟
هل سترجع اليوم إلى جارك الذي آذيته لتعتذر له؟ هل
سترجع في الصباح الباكر إلى موظفك أو مرؤوسك في العمل لتعتذر له بعد أن ظلمته؟ هل
سترد الحقوق إلى أهلها؟ هل ستلبسين الحجاب أيتها المسلمة؟ هل سنكف وآسفاه، إن
دعينا بعد كل هذا إلى التوبة، وما أجبنا، واحسرتاه إن دعينا بعد كل هذه الكلمات
إلى التوبة، وما أنبنا· يا نادما على الذنوب أين أثر ندمك؟ يا نادما على الذنوب
أين أثر ندمك؟
أين بكاؤك على زلة قدمك؟ هيا الآن قبل أن ترجع إلى
البيت، عاهد ربك، وأنت أيها المسلم، هيا الآن قبل فوات الأوان، عاهد ربك اللحظة
على التوبة، على الإنابة، على الأوبة، إرجع مهما كانت معاصيك، مهما عظمت ذنوبك،
إقرع باب الملك بقلبك، فإن أبواب الملوك لا تقرع بالأظافر، كيف وأنت تطالب الآن
بقرع باب ملك الملوك -جل جلاله: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى
أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) الزمر: 53. واعلم أن
الله سيفرح بتوبتك وأوبتك، وهو الغني عن العالمين، لا تنفعه الطاعة، ولا تضره
المعصية· الآن، الآن عاهد ربك على تحقيق التوحيد، على المحافظة على الصلوات، على
المحافظة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بغير منكر، والدعوة إلى الله بأي
وسيلة من الوسائل المشروعة، عاهد ربك على أن تكون عبدا يعيش في الدنيا، وقلبه معلق
بالآخرة، عاهد ربك على أن تكون بعد هذا اللقاء إنسانا مختلفا تمام الاختلاف.
فالتوبة التوبة: هي العودة من المعصية إلى الطاعة،
هي العودة عن كل ما يغضب الله إلى كل ما يرضي الله سبحانه وتعالى·
أيها الشاب الحبيب اللبيب، أيها الوالد الكريم،
أيتها الأم الكريمة، أيتها الأخت الفاضلة، أذكر نفسي والمسلمين جميعا بالعودة إلى
الله -عز وجل- فالدنيا مهما طالت، فهي قصيرة ومهما عظمت فهي حقيرة، لأن الليل مهما
طال لا بد من طلوع الفجر، ولأن العمر مهما طال لا بد من دخول القبر.
يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم، (أنه عاد سعد بن
أبي وقاص رضي الله عنه بمكة، فقال: ادعوا له طبيباً، فدعي الحارث بن كلدة، فنظر
إليه، فقال: ليس عليه بأس، فاتخذوا له فريقة، وهي الحلبة مع تمر عجوة رطب يطبخان،
فيحساهما، ففعل ذلك، فبرئ)· وقوة الحلبة من الحرارة في الدرجة الثانية، ومن
اليبوسة في الأولى، وإذا طبخت بالماء، لينت الحلق والصدر والبطن، وتسكن السعال
والخشونة والربو، وعسر النفس، وتزيد في الباه، وهي جيدة للريح والبلغم والبواسير،
محدرة الكيموسات المرتبكة في الأمعاء، وتحلل البلغم اللزج من الصدر، وتنفع من
الدبيلات وأمراض الرئة، وتستعمل لهذه الأدواء في الأحشاء مع السمن والفانيذ وإذا
شربت مع وزن خمسة دراهم فوة أدرت الحيض، وإذا طبخت وغسل بها الشعر جعدته وأذهبت
الحزاز· ودقيقها إذا خلط بالنطرون والخل، وضمد به حلل ورم الطحال، وقد تجلس المرأة
في الماء الذي طبخت فيه الحلبة فتنتفع به من وجع الرحم العارض من ورم فيه· وإذا
ضمد به الأورام الصلبة القليلة الحرارة، نفعتها وحللتها، وإذا شرب ماؤها نفع من
المغص العارض من الرياح وأزلق الأمعاء· وإذا أكلت مطبوخة بالتمر أو العسل أو التين
على الريق حللت البلغم اللزج العارض في الصدر والمعدة ونفعت من السعال المتطاول
منه· وهي نافعة من الحصر، مطلقة للبطن، وإذا وضعت على الظفر المتشنج أصلحته ،
ودهنها ينفع إذا خلط بالشمع من الشقاق العارض من البرد، ومنافعها أضعاف ما ذكرنا·
ويذكر عن القاسم بن عبد الرحمن أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(استشفوا بالحلبة). وقال بعض الأطباء : لو علم الناس منافعها، لاشتروها بوزنها
ذهباً.
0 التعليقات: