دين الإسلام هو خاتم الأديان ، وإن مِن أهم خصائص هذا الدين أنه دين ينظم
الحياة كلها، فالإسلام دين الدنيا والآخرة، قال الله سبحانه وتعالى: "قُلْ
إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ"، وفي دعاء المسلمين في مواضع متفرقة يقولون: "ربنا آتنا
في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار"، فهذا دين الله الكامل
والشامل والجامع، جمع بين حق الله وحق العبد، وبين أمر الدنيا وأمر الآخرة.
وإن ادِّعاء أن الإسلام جاء بالرهبانية ادعاء باطل، بل الرهبانية في دين
النصارى المحرَّف، أما المسلمين الذين أخذوا الدين من نبعه الصافي، وفهموه على
وجهه الصحيح فإنهم يعتقدون أن الدنيا معبر إلى الآخرة، وأن الإنسان لا ينبغي له أن
يتعلق بالدنيا على حساب الآخرة، فهم جعلوا الآخرة هي محط أنظارهم لأنها الحياة
الأبدية الخالدة، فالعمل ينبغي أن يكون من أجلها لا من أجل حياة قصيرة فانية، وليس
معنى هذا أن لا يعملوا في الدنيا ولا يعمروا الأرض، بل إن المسلمين بلغوا في
مجالات العلم النظرية والعملية أعلى المنازل، وكانت الحضارات تتبع المسلمين في
تقدمهم وعلومهم، ولا تزال بعض الجامعات الغربية العريقة تعترف بهذا وتدرِّس كتاباً
للمسلمين في مناهجهم.
والآيات والأحاديث التي تحث المسلم على عمارة الأرض بالزراعة والصناعة
كثيرة، وقد فهم المسلمون ذلك فسارعوا إلى العمل على هذه العمارة دون أن يؤثر ذلك
على عبادتهم وطاعتهم، ودون أن يروا أن بين الدين والدنيا تضادّاً وتنافرا، والمحذور
في هذه العمارة هو أن ينشغل المسلم بها عن واجبات دينه وطاعة ربه.
0 التعليقات: